مشكلتنا في تعلم العربية، أمسية أقامها الفريق الطلابي في المنصة
قدمها : الأستاذ أنس عزت آغا
إعداد وتنسيق: الفريق الطلابي في المنصة الإلكترونية
لغةُ الجمال والهويّة والانتماء، لغةُ الدين والمبادئ، بعضُ الكلمات لا تُكتَب بالحروف وإنَّما تتفتّح بعضها من بعض، فتفوح عبقًا كالأزهار، هي إرث الأجداد لكنَّها لغة وُلِدت فتية قويّة مكتملة لا يُعرَف لها قبل ذلك طفولة ولا صبا، وجاء بعد ذلك القرآن الكريم فكان كالتَّاج العظيم المتوّج لها..
على ثغور العربية مرابطون متمسكون بهويَّتها مدافعون عن مبادئها، حاملون همها مبلِّغون علومها.
بهذه الكلمات افتتح الأمسية الأستاذ محمد الشامي -مدير المنصة- ثم رحب بالحضور الذي بلغ نحو مئة من الطلاب والطالبات، كما رحب بالأستاذ أنس عزت آغا محاضر علوم اللغة العربية في الأكاديمية، الذي أجاد وأفاد في أمسية زاخرةٍ بالدُّر المكنون.
من العنوان المقترح (لغتنا العربية انتماء وجمال) إلى عنوان عملي يعالج مشكلتنا في تعلم العربية
وكعادة أستاذنا في وده ولطفه شكر مدير المنصة الإلكترونية على الاستضافة، ومن باب الحرص على الجوانب العملية النافعة أبدل العنوان وشرع الأستاذ المحاضر حديثَهُ عن كيفية النهوض باللغة في بيوتنا وحياتنا، فاختار أن يشرع بالحديث عن علاج العوائق التي تبعدنا عن اللسان العربي المبين، وذكر من أهم هذه العوائق: البعد عن كتاب الله تعالى وأسراره، إذْ أنَّ منزلتك من الشريعة هي بمنزلتك من العربية، وحيثما تكن في العربية تكن في الشريعة.
ومما جاء في مقدمة كلام المحاضر: نريد الحديث في يوم اللغة العالمي عن هموم اللغة العربية بدلا من الحديث الأخاذ الممتع الأدبي عن جمال اللغة وسحرها حديثاً يأخذ بالألباب لكن يترك المشكلات بلا علاج…
ففي ظل ما يحصل في العالم العربيِّ من حروب وفقر وتشرُّد وضياع للأجيال، هناك حروب أخرى خفيَّة لا ننتبَّه لها، وهي “ضياع الهوية اللغويَّة والإيمانيَّة” فكلتاهما وجهان لشيء واحد، فضياع الهوية اللغوية يعني ضياع الهويّة الإيمانيّة لأن هذه اللغة الشريفة الكريمة الجليلة هي حاملة الرسالة القرآنية خاتمة الرسالات.
ومن أهم المشاكل التي نعاني منها في مجتمعاتنا العربية أن أبناء هذا الجيل لمْ يتعلموا العربيَّة، ولمْ تعد العربية لغتهم الأم، وما عادوا يسمعونها في رياض الأطفال والمدارس والمساجد والجَّامعات وغيرها في بلاد المهجر، فاللُّغة في ضياع …
واللغة هي الوجه الظاهر للفكر الإنساني، فلا ثقافة ولا فكر بدون الوعاء اللغوي المعبر عما في العقل والنفس من تصور وخيال.
المشكلة الأولى: مشكلة الأطفال واللُّغة:
وكما نعلم أنَّ فطرة الطفل تنشأ سليمةً وتحتاج منّا إلى تنمية سليمة… كذلك علينا أن ننمِّيَ تنشِئته اللُّغوية التي زاحمتها لغات أخرى، فمن أهمِّ ما يجب التنبه له: الحرص على أن تكون العربيَّة هي اللُّغة الأم لأبنائنا وأن نحافظ عليها ونجعلها أوَّل ما يطرق أسماعَه وأول ما يخط يراعه.
ومن سبل المحافظة على العربية:
– الاستفادة من البيئة العاميَّة بما فيها، فهو خيرٌ من الانزواء عن العربية بالكليَّة.
– ترشيد سماع أبنائنا لبرامج الأطفال، وهو أمر ميسور، من البرامج المنتقاة بعناية، إذ أن الاستماع هو أبُ المَلَكَات اللِّسانيَّة، فإذا كان المُدْخَلُ سليمًا كان المُخْرَجُ سليمًا.
– العناية بتلاوة القرآن الكريم في عمر الخامسة أو السادسة وإتقان مبادئ القراءة العربيَّة السليمة.
– العناية بالكتابة العربية والخط العربي، فهي الوجه الآخر للمنطوق لأنَّها تصوير له.
المشكلة الثانية: قصر تعليم النَّاشئة على علم النحو فقط، وهو خلل يتسبب في ضعف بناء المَلَكة اللُّغويَّة لديهم.
وحلُّها يكون بخطوات، وأهمها:
-أهمية النصوص الأدبية من الشعر والنثر، وأهمية بناء الملكة اللغويَّة بتحفيظ الطلاب نصوصًا خفيفةً من عيون الشِّعر والنثر…
– التدريب على الكتابة وتصويب الأخطاء في لفظ الحروف ومخارجها.
– التدريب على طريقة الإلقاء الشعريّ، وذلك له أثر مفيد في تقوية شخصية الأبناء وصقل مهاراتهم.
نُعلم الطفل كيفية الانفعال والتَّعبير بحسب المعنى، كيف يَستفهم، كيف يَمدح، كيف يُخبر… وهكذا
– تدريبات لغوية من التثنية والجمع والأضداد وتصريف الأفعال وغيرها، ويمكن ذلك من خلال مسابقات منزلية خفيفة بين أفراد الأسرة.
بعد ذلك:
– عرض النحو العربي على الطلاب دون تجزيء.
– بيان أثر النحو في تقويم اللسان.
– التعليم بلغة صحيحة سليمة فصيحة.
– العناية بالقراءة الصَّامتة بالعربيَّة، حيث أنَّها إمَّا أن تكون معمِّرة للأنساق اللغويَّة وتزيدها قدرة على البيان فيما بعد، وإما أن تكون مدمِّرة لما يخزَّن في العقل من مفردات وتراكيب وأساليب، ومن أبرز من نبّه عليها الشيخ: فخرالدين قباوة – حفظه الله.
وفي ختام المحاضرة تحدَّث الأستاذ عن فكرة الصواب اللغويِّ
فمن أهم إشكالاتها: التَّهيب من التَّحدث بالفصحى وتركها لأهل الاختصاص.
ومما اقترحه لعلاج هذه المشكلة لعودتنا للحياة اللُّغويَّة السليمة:
إشاعة ” اللغة الوسطى ” بين الناس
وفق ما قسّم الشيخ فخر الدين قباوة – حفظه الله- تعلُّم العربية إلى:
١.اللغة الوسطى.
٢. اللغة الصحيحة.
٣.اللغة الفصيحة.
٤.اللغة الفصحى.
٥. العربانية (لغة القرآن الكريم) وزيادة الألف والنون فيها للمبالغة.
“اللغة الوسطى”: مقصود بها عموم الناس وهي بأن تنهض المجامع اللغويًّة بمهمَّتها التي أُلقيَت عليها وتحاول تصويب البنى اللغويَّة للعوام والتي يسودها شيء من التشوُّه، وذلك بإصدار كتب مرشدة للتصحيح والتصويب ولا يعوّل فيها كثيرًا على حركة الإعراب حيث أنها تقرب الناسَ من العربيَّة
“اللغة الصحيحة”: لغة التعليم المدرسي ورياض الأطفال، ويقبل فيها اللهجات العربية.
“اللغة الفصيحة”: تُلتَزَم في المدارس الشرعية والعربيَّة على وجه الخصوص ويُترَك فيها الشاذ.
“اللغة الفصحى”: لغة الأدباء والشعراء فيها البيان العذب العالي من تقديم وتأخير وحذف وغيره.
“اللغة العربانية”: فلا تُدرَك، فهي لغة القران الكريم وإنَّما نغترف منها شيئا فشيئًا.
وانطلاقًا من هذا التقسيم لا بدّ من مراعاة كل مرتبة من المتكلمين، التيسير على العوام في حديثهم الذي لا يخلو من الزلل واللحن والخطأ.
واللغة هي الوجه الظاهر للفكر الإنساني، فلا ثقافة ولا فكر بدون الوعاء اللغوي المعبر عما في العقل والنفس من تصور وخيال. كما أنَّ الرابطة اللغوية طريق لوحدة دينية بين المسلمين.
تلا ذلك مداخلات من الحضور والإجابة عن الأسئلة التي وردت، ونصائح عن كتب مفيدة لتعليم الأطفال.
اختتم مدير المنصة الأستاذ محمد الشامي الأمسية وقد شكر الأستاذ المحاضر على ما أفاد به، كما شكر الحضور من الطلاب والضيوف، وثمَّن دور الفريق الطلابي في المنصة الذي يوالي الجهود في إقامة الأنشطة النافعة والماتعة، راجيا من الله تعالى القبول والبركة.
رابط الأمسية:
أسرة التحرير في الموقع: 20/ 12/ 2022م