آدابٌ تعلمتها في معهد مكة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على إمام المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين .

وبعد :

عملاً بقوله تعالى : ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾  ( الذاريات : ٥٥ )

فإني أذكر نفسي و إخواني بتقوى الله عزوجل في السر والعلن ، في الغضب والرضى ……..

ثم أوجه رسالة تتضمن بعض المقاصد التي استفدتها من مشايخنا الأفاضل في معهد مكة المكرمة فرع أنطاكية والتي يجب على طالب العلم أن تكون نُصب عينيه وهي :

المقصد الأول : تصحيح النية .

ويكون تصحيح النية في بداية كل درس وفي منتصفه وفي آخره ، على أن تكون النية خالصة لله عز وجل .  قال الله تعالى : ﴿ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا .  ( الكهف : ١١٠ )

وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ) ( متفق عليه ) .

وحديث أول من تُسعًّر بهم النار يعرفه آحاد الناس فضلاً عن طلاب العلم . يروى أن أبا هريرة رضي الله عنه كان إذا روى هذا الحديث وقع مغشياً عليه من هول ما جاء فيه من وعيد .

إن معنى الآية والحديث السابقين لا يخفى على ذي لب ، كما لا يخفى على أحد مكانة النية في ديننا الحنيف ، وأن العادة يمكن إن تُنقلب بالنية إلى عبادة .

المقصد الثاني : هل أثمر العلم في قلبك ؟

لمعرفة ذلك لابد أن ننظر في حياتنا اليومية ، الخاصة والعامة ، لنرى هل أثمرهذا العلم في قلوبنا حباً ومراقبة لله وخشية منه سبحانه وتعالى  ؟؟ يظهر ذلك من خلال أعمالنا وأقوالنا وأحوالنا ، فإن كانت موافقة لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، حينها نقول أثمر العلم في قلوبنا خشية ومراقبة لله مع محبتة سبحانه .

قال الله تعالى : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ .  قال الإمام ابن تيمية رحمه الله : وهذا يدل على أن كل من خشي الله فهو عالم …

المقصد الثالث : إدراك قيمة العلم وعظم المسؤولية .

معرفة عِظم مانحن عليه كطلاب علم ، وتقدير هذا الأمر . وإدراك عظم المسؤولية المترتبة على ذلك . قال الله عز وجل : ﴿  شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾. ( آل عمران : ١٨ ) لقد جعل الله عزوجل شهادة أولي العلم مع شهادة الملائكة على وحدانية الله عز وجل وهذا شرف عظيم لأهل العلم .

الصحابي أبو الدَّرْداءِ رضي الله عنه قَال : سمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ  يقولُ : ( منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا سهَّل اللَّه لَه طَريقًا إِلَى الجنةِ، وَإنَّ الملائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطالب الْعِلْمِ رِضًا بِما يَصْنَعُ، وَإنَّ الْعالِم لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ منْ في السَّمَواتِ ومنْ فِي الأرْضِ حتَّى الحِيتانُ في الماءِ، وفَضْلُ الْعَالِم عَلَى الْعابِدِ كَفَضْلِ الْقَمر عَلى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وإنَّ الْعُلَماءَ وَرَثَةُ الأنْبِياءِ وإنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُورِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وإنَّما ورَّثُوا الْعِلْمَ، فَمنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحظٍّ وَافِرٍ ) رواهُ أَبُو داود والترمذيُّ .

فطلب العلم طريق إلى الجنة ، وطالب العلم تضعه الملائكة على أجنحتها  ، ويستغفر له من في السموات والأرض ، وشبهه رسول الله بالقمر المنير والنجوم التي يهتدي بها الناس . وجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وارثا له ، فهذه كرامات لا بد أن نتذوق معانيها ، ونستشعرعِظم هذا الأمر الذي نحن عليه حتى جعل الله له كل هذه الأجور ، وماهذا إلا في حديث واحد ، فكيف لو تصفحنا باب فضل العلم في الكتاب والسنة !!!

المقصد الرابع : الدعوة إلى الله عزوجل بالحكمة ..

لابد من معرفية كيفية إيصال هذا العلم وبثّه بين الناس كي تكتمل المقاصد من هذا الطلب ، ومما لا يخفى على القارئ الكريم أنّ نظرة الناس لطالب العلم تختلف تماماً عن نظرتهم لغيره ، فبعض مايُغتَفر عند الناس للإنسان العامِّي لا يُغتَفر لطالب العلم . فلا بد من الحكمة في حياته ليستطيع الوصول إلى عقول الناس وقلوبهم وتبليغ دعوة الله عزوجل . قال الله تعالى : ﴿  ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ( النحل : ١٢٥ ) . فجعل الله عزوجل الحكمة ملاصقة للدعوة إلى سبيله عز وجل .

وقال الله تعالى : ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾. ( آل عمران : ١٠٤ ) . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ) قُلْنَا لِمَنْ ؟ ، قال : ( لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ) رواه مسلم

فلا بد من أن تكون هناك دعوة إلى الله وأن تكون هذه الدعوة بالمناصحة مع الغير حتى يتحقق المقصد الأسمى من هذا الأمر . وأن يكون التنافس بينن العلماء وطلاب العلم لمرضاة الله سبحانه وتعالى ، لا شيء آخر . يقول الله تعالى : ﴿  يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ *خِتَامُهُ مِسْكٌ ۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ  ﴾ . ( المطففين ٢٥: / ٢٦ )

وختاما أقول :

–  مع النية الخالصة لله وحده .

– وطلب العلم خشية من الله سبحانه .

– وتحمل المسؤولية التي كلَّفنا بها الله عزوجل .

– وتذكير الناس بآيات الله ونعمه علينا .

بذلك كله نكون قد حققنا مراد الله عزوجل منا .

نسأل الله عز وجل أن يتقبل منّا ومنكم صالح الأعمال .

السنة الأولى في معهد مكة المكرمة – فرع انطاكية

إعداد الطالب : علي جواد

 

مصادر الثقافة الإسلامية – الجزء الأول –
مصادر الثقافة الإسلامية – الجزء الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Close
Close سلتي
Close المفضلة
Recently Viewed Close

Close
Navigation
Categories