بقلم: قاسم جبق- ماجستير في اللغة العربيَّة- باحث دكتوراه
* محاضر علوم اللغة العربية في فرع أنطاكية
دونَكم -أيُّها الطُّلاب، طُلَّابَ معهد مكَّة المكرمة الأحبَّة- جُمْلةً من النَّصائح والوصايا مُخْتَصَرَةً جُهْدَ الاستطاعة، قد تكون صَيِّبةً نافعةً.
-
الحِرْصُ على صفاء النِّيَّة في طلب العلم، وأن تكون الغايةُ مَرْضاةَ الله وحدَه أوَّلاً وآخِراً، فلا يَكُونَنَّ الهدفُ من تعلُّم العِلْم الوصولَ إلى جَاهٍ أو مالٍ أو غير ذلك من مَتَاع الدُّنيا.
-
الالتزام بِحُسْنِ الخُلُق، فقد وَرَدَتْ أحاديثُ كثيرة تحثُّ الإنسان على التَّحلِّي بالأخلاق، منها قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : ” أَكْمَلُ المؤمنين إيماناً أَحْسَنُهم خُلُقاً”، وقوله : ” إنَّ العبد لَيُدْرك بِحُسْنِ خُلُقِهِ درجة الصَّائم القائم”، وقوله: “مَا مِنْ شَيءٍ أَثْقَلُ في ميزَانِ المُؤمِنِ يَومَ القِيامة مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ”.
-
التَّواضع في طلب العلم مع الجُرأة، فقد تَرَبَّعَ الجهل بين الاستحياء والكِبْر في العلم، كما قال الخليل بن أحمدَ الفراهيديّ. ورحم الله الشَّاعرَ القائل:
العِلْمُ حَرْبٌ لِلْفَتَى الـمُتَعَالِي كالسَّيلِ حَرْبٌ لِلْمَكانِ العالِي
معنى(حرب) في البيت شِدَّة الـمُنَافرة والعَدَاوة، ومعنى البيت أنَّ الإنسانَ الـمُـتكبِّرَ يحجُبُه كِبْرُه عن الاستفادة والانتفاع بالعلم، وهذه الصُّورة تُشْبِهُ صورةَ المكان المرتفع الذي يتعذَّر وصولُ السَّيل إليه فيُحْرَمُ من الانتفاع والفائدة، وعلى طالب العلم أن يكون جريئاً في سؤاله عمَّا لم يفهمه دون خَجَل أو استحياءٍ من أيِّ سؤال عن مسألة لم يفهمْها سواءٌ أكانت صغيرةً أم كبيرةً، على أن يكونَ كلامُهُ ليِّناً وأسلوبه حَسَنَاً جُهْدَ استطاعته، وقد قِيلَ لسيِّدنا ابن عبَّاس (حَبْر الأمَّة)، رضي الله عنه، بِمَ أدركْتَ العلم؟ قال: بِلِسانٍ سَؤُولٍ وقَلْبٍ عَقُولٍ.
-
التَّزوُّد من علوم اللغة العربيَّة، ولا سيَّما النَّحْو والصَّرْف والبلاغة، إذ يُعَدُّ تعلُّمُ النَّحو فرضَ كفاية، ويَجِبُ على مَنْ يتكلَّم في القرآن الكريم أن يكون عالماً بلغة العرب نَحْوِها وَصَرْفِها وبلاغتِها، والنَّحْو له الأثر الأكبر في توجيه معاني القرآن الكريم والحديث النَّبويِّ الشَّريف، فهذا الإمام الفخر الرَّازي يقول: ” معرفة اللغة والنَّحْو والتَّصريف فرضُ كفاية، لأنَّ معرفة الأحكام الشَّرعيَّة واجبة بالإجماع، ومعرفة الأحكام بدون أدلَّتِها مُسْتَحِيْلٌ، فلا بُدَّ مِن معرفة أدلَّتِها، والأدلَّة راجعة إلى الكتاب والسُّنَّة، وهما واردانِ بلغة العرب، ونحوهم وتصريفهم، فإذن توقَّفَ العلم بالأحكام على الأدلَّة، ومعرفة الأدلَّة تتَوَقَّف على معرفة اللُّغة والنَّحو والتَّصريف، وما يتوقَّف على الواجب الـمُطْلَق، وهو مَقْدُورُ الـمُكَلَّف، فهو واجب، فإذن معرفة اللغة النَّحو والتَّصريف واجبة”[1]. وهذا الْأَصْمَعِيَّ يَقُولُ:” إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ،إِذَا لَمْ يَعْرِفِ النَّحْوَ أَنْ يَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَلْحَنُ، فَمَهْمَا رَوَيْتَ عَنْهُ وَلَحَنْتَ فِيهِ كَذَبْتَ عَلَيْهِ”[2].
-
أن يُعِيْدَ قراءةَ كُتُبِهِ التي يَدْرُسُها في المعهد مرَّةً بعد مرَّة، فَيُثبِّتَ حِفْظَه ويُوسِّعَ فهمَهُ، وقد يكون علاجُ عَدَمِ فهمه لمسألة من مسائلها إعادةَ القراءة وتَكْرَارها، فالعلم كما قِيل عنه: يَشْرُدُ كما تَشْرُدُ الإبل.