مشاركة علماء حمص في الشؤون السياسية سنة أصيلة في المدرسة الحمصية

مشاركة العلماء في الشؤون السياسية

سنة أصيلة في المدرسة الحمصية

الشيخ مصطفى السباعي (١٩١٥م-١٩٦٤م)

بقلم: نزار مشعل

الشيخ مصطفى ابن الشيخ حسني السباعي رحمهما الله، نشأ في أسرة علمية عرف رجالها بالعلم والتقى، كان والده وأجداده يتولون الخطابة في جامع حمص الكبير.
كان للشيخ حسني السباعي (ت ١٩٦١م) دوره في قيادة التحركات ضد الفرنسيين منذ بداية عدوانهم عام ١٩٢٠م مع علماء حمص وعلى رأسهم الشيخ عبد الغفار عيون السود (ت ١٩٣٠م). ومن المبادرات البارزة لوالده الشيخ حسني أنه لاحظ تأثّر العمال فترة الإضراب الستيني ضد الفرنسيين مطلع عام ١٩٣٦م فألّف لجنة جمعت من التجار الأقمشة والرز والسمن ووزّعوها على العمال المتضررين، وكذا رد موكب المستشار الفرنسي بالخيبة عندما أغلق الجامع النوري الكبير ولم يقم فيه صلاة العيد التي كان المستشار الفرنسي يعزم على حضورها. والتحق الشيخ مصطفى مع والده ومشايخ حمص في النضال ضد الفرنسيين فشارك في توزيع المنشورات بل وخطب خطبة عام ١٩٣١م اعتقل على إثرها.
وتربى الشيخ مصطفى على عين والده الذي كان يصحبه إلى مجالس العلم، وتخرج من دار العلوم الشرعية بحمص عام ١٩٣٣م، ثم التحق بالأزهر حتى أتم تعليمه فيه كأول سوري يحصل على الدكتوراه بالشريعة من الأزهر. وعام ١٩٤٠م، عاد إلى حمص ودرّس في دار العلوم الشرعية وأُوكل إليه إلباس العمائم للخريجين في حفل التتويج ليجدد بذلك التقاء سلاسل الأزاهرة مع الحمصيين.
وخلال وجوده في مصر لم ينقطع السباعي عن بلاده سورية، فقد كان الأمين العام لجمعية الرابطة الدينية التي أسسها الشيخ أبو السعود عبد السلام بسمار في حمص عام ١٩٣٦م، وفي العام التالي عقد في حمص أول مؤتمر للجمعيات الإسلامية في سورية، وفي العام ١٩٣٨م حضر الشيخ مصطفى السباعي مؤتمر العلماء الأول بدمشق ومؤتمر جمعيات الشبان المسلمين.
وبعد عودة الشيخ مصطفى إلى سورية، تكللت جهوده في جمع الكلمة عام ١٩٤٢م بالاتفاق على العمل على إنشاء جماعة واحدة تدعو إلى الإسلام في عموم القطر. وفي الفترة ١٩٤٣-١٩٤٥م طاف الشيخ مصطفى المدن السورية يعرف بالقضية الفلسطينية وينذر.
وعقد في حمص مؤتمر للجمعيات الإسلامية في سورية ولبنان عام ١٩٤٣م، وأثمرت جهود توحيد كلمة الدعاة عام ١٩٤٥م وكان الشيخ مصطفى السباعي المراقب الأول لجماعة الإخوان المسلمين في سورية. وحدد السباعي أهداف هذه الدعوة والمهمات في ميادين الإصلاح، فنادت بقيادة السباعي بالإصلاح السياسي، والكفاح الوطنـي، وإزالة آثار الاستعمار، ورفع المظالم عن العمال والفلاحين، كما نادت بإنشاء المدارس والمعاهد، والأندية الرياضية، والمخيمات الكشفية، ومراكز الفتوة.
وبعد أن انتقل السباعي إلى دمشق لمصلحة الدعوة، رشح للنيابة عن دمشق عام ١٩٤٩م، وشكل قائمة كاملة نجحت كلها، وكان هذا المجلس مجلساً تأسيسياً لدستور عام ١٩٥٠م. وكما يحكي جدي، كانت رغبة السباعي أن ينص في الدستور أن دين الدولة الإسلام، وأن الفقه الإسلامي مصدره التشريع، وأن ينص فيه على محاربة الإلحاد، وحماية الأخلاق. ولم تتم رغبة الشيخ في أن يكون من مواد الدستور أن دين الدولة الإسلام، ولكن وضعت في مقدمة الدستور -وهي جزء من الدستور- الجملة التالية:
“ولما كانت أكثرية السكان تدين بالإسلام، فإن الدولة تعلن استمساكها بالإسلام ومثله العليا”. وهذه المقدمة تعتبر جزءاً من الدستور، لا يجوز فصلها، ولكن هذا لم يرض العلماء واعتبروه تراجعاً كبيراً، واعتبره السباعي نصراً كبيراً في تلك الأيام.
وكتب جدي الشيخ محمد علي مشعل رحمه الله في مذكراته ترجمة خاصة بالشيخ مصطفى السباعي وصفه فيها فقال:
كان عالما من علماء المسلمين، توفرت فيه خصائص الداعية المسلم الواعي مشاكل عصره، البصير بالمكايد والدسائس التي تدبر لدينه وأمته، الغيور على الإسلام والمسلمين.
وكان يخطب الجمعة في الجامع الكبير بحمص ويجتمع عليه الناس يتداعون لسماع خطبته، وكان قوي التأثير في السامعين، لا يمل أحد، يجذب قلوبهم بما آتاه الله من منطق سليم وأسلوب كريم، وقد كان يذكر بأنه من أكبر خطباء عصره. . انتهى الاقتباس من المذكرات المنشورة على الموقع
في الصورة من يمين الناظر إليها:
السفير عمر بهاء الدين الأميري، والشيخ أحمد كفتارو، والمفكر محمد المبارك، والشيخ مصطفى الزرقا والعالم المجاهد الدكتور مصطفى السباعي رحمهم الله تعالى.
الحث على العلم والتعلم في الإسلام
Close سلتي
Close المفضلة
Recently Viewed Close

Close
Navigation
Categories