الحث على العلم والتعلم

الحث على العلم والتعلم في الإسلام

الحث على العلم والتعلم يقول الله تعالى: {يرفعِ الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}. ويقول سبحانه أيضاً: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب}. ويقول معلم الناس الخير سيدُنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ). الطريق في طلب العلم هو من أقرب الطرق إلى الجنة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ)، ولم يأمر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالازدياد من أمر إلا من العلم فقال: {وقل ربّ زدني علماً}؛ لأن العلم يبقى أثره حتى بعد موت الإنسان: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) مسلم. فالعلم حياة الأجساد والأرواح، وحياة القلوب والجوارح، وحياة الناس والمجتمعات، بالعلم تحيا الأمم، وتنتصر على أعدائها، وشتان بين العالم والجاهل، فهو كالفرق بين الحي والميت. العلم يجعل من العالم عالماً عاملاً تقياً ورعاً، عنده خشية من الله، لا ينافق ظالماً ولا يداهن في دينه، ولا يبيع دينه من أجل الدنيا، هدفه دعوة الناس إلى الخير، ونشر الفضيلة والعفة والنور بين الناس، وصلاح المجتمعات. فَلَولا العِلْمُ ما سَعِدَتْ نُفُوسٌ             وَلا عُرِفَ الحَلالُ وَلا الحَرامُ فبِالعِلْمِ النَّجاُة مِـنَ المَخَازِي                وَبِالجَــهْلِ المَــذَلَّةُ وَالــرُّغــامُ وكلما ازداد الإنسان علماً كلما عرف مقدار جهله، وعرف عظمة الله، وعرف حاجة الخلق وافتقارهم إلى الله، ولقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر فقال: (يَا أَبَا ذَرٍّ، لأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِئَةَ رَكْعَةٍ، وَلأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ، عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ). -وأما العلماء فقد رفع الله شأنهم، وبين النبي صلى الله عليه وسلم فضلهم فقال: (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ). وقال r: (وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أجنحتها رضاً لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، والْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَوَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ) أبو داود. -وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم طلاب العلم، فلقد جاءه صفوان بن عسال t ذات يوم ليسأله عن بعض أمور دينه، فقال له: ما شأنك؟ قال: جئت أطلب العلم، فقال: مرحباً بطالب العلم، إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب).

وكذلك كان الصحابة يكرمون طالب العلم: فقد كان بعض التابعين يأتون إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فيقول لهم: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الناس لكم تبع وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرضين يتفقهون في الدين فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيراً).

وكذلك كان حال التابعين والعلماء بعدهم، قال الإمام محمد بن إسماعيل: مرّ بنا أحمد بن حنبل ونعلاه في يديه وهو يركض في دروب بغداد ينتقل من حلقة إلى حلقة.. هذا أحمد بن حنبل: ” كانت أمه تشفق عليه من طول السهر في مدارسة العلم، وتقول له: متى تستريح؟ فيقول: عندما أضع قدمي في الجنة أما الآن فمع المحبرة حتى المقبرة ” كان الإمام النووي يحضر في اليوم 12 درساً، وكان   رحمه الله يمشي بالطريق يكرر ما حفظه من العلم ويراجعه. لذلك كان وجود العلماء والمصلحين نعمة من الله، وحياة للمجتمع، وكان فقدهم مصيبة في الأمة، يقول سعيد بن المسيب: (موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار)، نقول هذا الكلام: ونحن نفقد العلماء الكبار والمصلحين والدعاة واحداً بعد الآخر، وفقد العلماء والمصلحين مصيبة، وثلمة في الأمة، وهو قبض للعلم، (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا). لذلك ينبغي أن يكون ما سبق دافعاً لنا لأن ندفع بأنفسنا وبأبنائنا إلى طلب العلم، إلى أن ننهض بأبنائنا وأبناء هذا الجيل أن يسلكوا طريق طلب العلم، علم القرآن والحديث وغيرها من العلوم، فكم من المشاكل والخلافات تحدث بسبب الجهل والبعد عن العلم، وكم يقع الناس في الحرام في معاملاتهم بسبب بعدهم عن العلم، والخير في الأمة كثير، وأملنا أن يشرق فجر هذه الأمة بالعلم والعمل والخير والدعوة والوعي ونشر الخير. تعلم فليسَ المرءُ يولدُ عالماً                 وَلَيْسَ أخو عِلْمٍ كَمَنْ هُوَ جَاهِلُ وإنَّ كَبِير الْقَوْمِ لاَ علْمَ عِنْدَهُ              صَغيرٌ إذا الْتَفَّتْ عَلَيهِ الْجَحَافِلُ ولا بد من الصبر على طلب العلم والاجتهاد فيه: قال الشيخ أبو غدة في كتابه “صور من صبر العلماء”: اعلم أنَّ علوم الإسلام العظيمة لم تُدَوَّن على ضفاف الأنهار، وتحت ظلال الأشجار والأثمار، وإنما دونت بظمأ الهواجر، وسهر الليالي على السراج الذي لا يكاد يضيء نفسه، وفي ظل الجوع وبيع الثياب، وانقطاع النفقة في بلد الاغتراب، والرحلة المتواصلة المتلاحقة، والصبر على أهوال الأسفار، وملاقاة الخطوب والأخطار، والغرق في البحار، مع البعد عن الأهل والزوجة والأولاد والدار، فما أثر كل ذلك في أمانة علم أهلها، وما نقص من متانة دينهم، وما وهن من قوة شكيمتهم. قيل للإمام أحمد: أيرحل الرجل في طلب العلم؟ فقال: “بلى والله شديداً، لقد كان علقمة بن قيس النخعي، والأسود بن يزيد النخعي، وهما من أهل الكوفة بالعراق – يبلغهما الحديث عن عمر، فلا يقنعهما حتى يخرجا إليه – إلى المدينة المنورة – فيسمعانه منه”. ويقول بعض أهل العلم: من كانت له بدايةٌ محرقة كانت له نهايةٌ مشرقة قال سعيد بن المسيب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إني كنت لأغيب الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد، حديث واحد من أجله يتغيب عن أهله الأيام والليالي في طلب حديثٍ واحد. قال محمد بن يونس -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كتبت بالبصرة عن ألف ومائة وستة وثمانين رجلًا. كتب العلم عن هؤلاء جميعًا، قال عكرمة – رَحِمَهُ اللَّهُ -: كان ابن عباس يجعل في رجلي الكبل -أي: القيد- ويعلمني القرآن والسنة. ولقد صار عكرمة سيد الناس، سيد التابعين ببركة ما عنده من العلم. كان داود الطائي – رَحِمَهُ اللَّهُ – يشرب الفتيت ولا يأكل الخبز، فقيل له في ذلك، فقال: “بين مضغ الخبز وشرب الفتيت قراءة خمسين آية”.     إدارة تحرير الموقع.
الشيخ الداعية عبد المجيد الزنداني وإصلاح ذات البين
الصحة النفسية في الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Close
Close سلتي
Close المفضلة
Recently Viewed Close

Close
Navigation
Categories