شخصية الطالب في جلسة المناقشة في الدراسات العليا

شخصية الطالب في جلسة المناقشة

 الحمد لله وكفى، والصلاة على النبي المصطفى، وبعد:

بعد انتهاء الباحث من كتابة إطروحة الدكتوراة أو رسالة الماجستير يتوجه إلى الخطوة الخاتمة وهي جلسة المناقشة، وعادة يشعر الباحث بأهمية إثبات وجهة نظره التي توصل إليها في بحثه العلمي، وسَيَعْرضُ النتائج أمام لجنة المناقشة والتي تتكون من الأساتذة المتخصصين في موضوعه. وقد يرى الباحث نفسه فرداً أمام لجنة من العلماء والمتخصصين، فيتجسد سؤالٌ كبير، يلحُّ على الباحث في كلّ لحظة قبل المناقشة:

كيف سيقف الباحث أمام  أعضاء اللجنة من علماء ومختصين ونُقَّاد لهم خبرات طويلة في موضوعه الذي سيناقشه؟

 ومن هذا المنطلق أحببت أنْ أشارك زملائي الباحثين بمجموعة من التوصيات استخلصتها من مطالعاتي ومما وفقني الله له:

 

أولاً

على الباحث أنْ يَضع نَصْبَ عينيه أنَّ هدف جلسة المناقشة هو إظهار الجهد الذي بذله في سبيل إنجاز هذا العمل؛ ولذلك دائما تُوصف المناقشة بأنها علنية. وعادةً تكون الدعوة عامة، فيحضرها الأساتذة والمهتمون من عامة الناس والزملاء والأقارب…

 

ثانيا

وهذه المناقشة ليست (مرحلة خصومة)، بل إنَّما هي حالة نقاش كما هو إسمها (المُنَاقَشَة). يَتم فيها مناقشة موضوعٍ أنْتَ كتبته بقلمك، وجسدته بعباراتك ونتائج جهودك وعصارة أفكارك، وهذا يتطلب منك أيها الباحث حسنَ تقبل الآراء العلمية النَّقدية التي تُبَيّنها لجنة المناقشة، وأنّ تَفرح بكل معلومة توجه لك أو تصويب تُرشد إليه، لأنَّ كل باحثٍ إنّما يطلب الحقيقة المجردة؛ فلا بدَّ أنْ يكون ملتزماً بالموضوعية في جميع مراحل دراستة وحياته العلميّة. وأنت أيها الأخ الباحثُ لستَ معصوماً، والخطأ والزلل على الإنسان وارد، فعليك تقبل الملاحظات والإستفادة منها، دون أنّ يؤثر ذلك على ثقتك بنفسك، بل مِنَ الثقة بالنفس تَقبلُ النَّقد الموضوعي والفرح بالتوجيهات والاستدراكات التي تزيد البحث رصانة وقوة. فلا يوجد بحث علمي ولا جهد بشري خالٍ من الأخطاء….

 كما يتوقع وجود نقاط خلافية بين أعضاء اللجنة أنفسهم، وعليك أنْ تستفيد من كل ذلك، ولا يأخذك موقف الدفاع والتعصب لرؤية بعينها، بل السير مع الحق والصواب حيث وجد.

 

ثالثاً:

أول مراحل المناقشة كما هو متبع العرض التقديمي الذذي يقدمه الباحث أول المناقشة بعد افتتاح الجلسة، فلا بدّ للباحث من أن يُعدّ العرض التقديمي الذي يشمل  مشكلة البحث وأهميته وخطته، والإجراءات التي قام بها، وأنفس المصادر والمراجع التي استفاد منها، وصولاً إلى النتائج العلمية والتوصيات المتعلقة في إطار البحث، وقد يتطرق البعض إلى تسليط الضوء على بعض الصعوبات التي مرّت به.

هذا العرض التقديمي  يتطلب الثقة عند الإلقاء وتتحصل الثقة من خلال جهد الباحث الفعلي في بحثه، ومن المهم أنْ يبتعد عن السرعة المخلة في الكلام، ويحرص أنْ يكون صوته مسموعاً ومخارج حروفه واضحة، ومن المُفيد أنْ يتدرب الباحث على إلقاء مقدمة بحثه مرات عديدة، وأنْ يَضَعَ الوقت المحدد لأداء العرض التقديمي بالحسبان، ولا مانع أبداً من عرضها على ذي بصيرة في اللغة، فيُحْكِمُ ألفاظها، ويضبط الحركات والسكنات.

 

رابعاً:

مما يُفيد الباحث أنْ يَحضر جلسات مناقشة رسائل ماجستير ودكتوراه في تخصصه، ليكون على تصور مناسب لما يدور فيها من ترتيبات ومواقف سلبية وإيجابية، وكيف يمكن إدارة الأسئلة، وسبيل الشبكة العنكبوتية ميسّرٌ لمن أراد أن ينهل من المناقشات العملية التي قام بها باحثون سابقون.

 

أخيراً: 

على الباحث أنْ يثق بأنه من أكثر الموجودين في قاعة المناقشة علماً بموضوع البحث وما تم فيه من إجراءات، وعليه ألا يفقد ثقته بنفسه ولا ببحثه بسبب بعض الأخطاء أو كثرة الأسئلة أو التعقيبات، بل يردُّ على الأسئلة بثقة وتواضع شديدين.

ولا بد من التنبيه على أمر مهم، وهو الإستفادة من وجود الأستاذ المشرف فهو أستاذك ومن كان لك معيناً وموجهاً طيلة فترة الكتابة والبحث، وقد تختلف أنظمة بعض الجامعات في دور الأستاذ المشرف، ففي بعض الجامعات يتولى المشرف الدفاع عن الطالب في بعض الجوانب، (فكأنَّ كلاهما في الجلسة فريقاً واحداً)، وفي بعض الجامعات يكون المشرف أحد المناقِشين كعضو في لجنة المناقشة فحسب.

وأختم هذه التوصيات بأهمية تدوين كافة الملاحظات التي وجهها أعضاء لجنة المناقشة لأجل القيام بالتصويبات العلمية. ومن المفيد كذلك تسجيل المناقشة صوتاً أو صوتاً وصورة إنْ تيسر ليرجع لها الباحث، فهي جزء من مسيرته العلمية وسجله الأكاديمي.

 

                                                               والحمد لله على الدوام، في البدء وعند الختام.

                                                كتبه: سمير الجلول، باحث في الدراسات الإسلامية مرحلة الدكتوراه.

                                                    الإثنين: 3/ 6 / 1441 هـ، الموافق: 28 / 01/ 2020 م.

 

تحقيق أبيات عبدالله بن المبارك يا عابد الحرمين
تغير الأحكام في الشريعة الإسلامية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Close
Close سلتي
Close المفضلة
Recently Viewed Close

New here? Create an account

Great to see you here!

A password will be sent to your email address.

سيتم استخدام بياناتك الشخصية لدعم تجربتك في هذا الموقع، ولإدارة الوصول إلى حسابك، ولأغراض أخرى تم توضيحها في سياسة الخصوصية لدينا.

Already got an account?

Close

Close
Navigation
Categories